العربي نيوز - الرياض:
سرب التحالف بقيادة السعودية والإمارات، مشهد فيديو سرياً، للجيش الوطني في إحدى جبهات القتال، في محاولة فيما يبدو للتقليل من قدرات قوات الجيش وتبرير تقاربه مع مليشيا الحوثي الإنقلابية..
ويُظهر مقطع الفيديو المسجل من غرفة عمليات تابعة للتحالف وثقته عربة تابعة له في الميدان بتقنية التصوير الليلي، طقماً للجيش الوطني يتم توجيهه من ضباط التحالف ناحية عناصر من مليشيا الحوثي في منطقة صحراوية.
ويبين المشهد أن غرفة عمليات التحالف وجهت الطقم إلى كمين لمليشيا الحوثي، حيث أطلقت عناصر المليشيا التي كانت تتظاهر بأنها جثث هامدة النار على الطقم ومن عليه من أفراد، بمجرد الاقتراب منها، ما دفع الآلية العسكرية إلى الاشتباك معها قبل أن تنسحب، إلا أن الاجراء يبدو أنه لم يعجب ضباط العمليات الذين بادروا إلى طلب الاسناد الجوي لاستهداف الحوثيين.
ويبدو أن هدف التحالف من تسريب الفيديو السري في هذا التوقيت بالذات، من خلال إظهار امتلاكه تقنيات حديثة وتجهيزات عالية الدقة، التقليل من الجيش الوطني وتحميله مسؤولية عدم تحقيق تقدم ميداني في جبهات القتال.
ويتزامن التسريب هذا، مع وصول وفد عسكري سعودي إلى صنعاء ومغادرة آخر من مليشيا الحوثي إلى أبها، في خطوة هي الأولى للتحالف منذ إنطلاق عملياته العسكرية في مارس 2015 لاستعادة الشرعية من المليشيا، يبررها الطرفان بأنها لـ "زيارة أسرى الجانبين ومطابقة أسمائهم".
إلا أن توقيت الزيارات المتبادلة يأتي في ظل أنباء عن عزم التحالف إنهاء الحرب في اليمن بتسوية سياسية مع مليشيا الحوثي تتضمن الاعتراف بها سلطة أمر واقع، وضمان أمن المنشآت الاقتصادية والحيوية السعودية من هجمات المليشيا، خاصة بعد توعد الأخيرة باستهدافها.
أكد التقارب بين السعودية والمليشيا، توجيه مسؤول عسكري سعودي رفيع، عبارات شكر وإطراء إلى مليشيا الحوثي، في خطوة غير مسبوقة للمملكة تجاه المليشيا اثارت استغراباً واسعاً.
وقال سالم الحربي رئيس الفريق السعودي الذي وصل الى صنعاء، ليل الاربعاء الماضي، للتأكد من هوية أسرى من الجيش السعودي تحتجزهم المليشيا، بالتزامن مع توجه وفد حوثي مماثل الى السعودية: "أشكركم -بإسمي ونيابتا عن زملائي- على حسن المعاملة مع أسرانا، ونشكركم على حسن الاستقبال والضيافة".
مضيفاً وفقا لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) التابعة لسلطات الحوثيين في صنعاء: "هذا غير مستغرب منكم فأنتم أهل الكرم، وزملاؤكم الذين وصلوا للمملكة هم إخواننا وأهلنا، ومكانهم فوق الرأس".
وتقود السعودية، منذ 26 مارس 2015، تحالفا عسكريا يضم دولا عدة أبرزها الامارات ويحظى بدعم لوجستي امريكي وبريطاني، لاستعادة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، العاصمة صنعاء ومناطق واسعة شمال وغرب اليمن، سيطر عليها الحوثيون أواخر العام 2014. تركزت عملياته منذ الليلة الاولى لعاصفة الحزم التي اطلقها التحالف في تنفيذ عشرات الالاف من الغارات الجوية في عموم اليمن.
استهدفت غارات طيران التحالف ما يسميه “مواقع عسكرية ومخازن اسلحة ومنصات صواريخ وطائرات مسيرة تابعة للحوثيين” في العاصمة صنعاء ومحافظات سيطرتهم، لكنها تسببت في مقتل وإصابة قرابة 60 ألف يمني مدني معظمهم من الاطفال والنساء وتدمير مرافق مدنية وخدمية، علاوة على نزوح قرابة اربعة ملايين يمني من قراهم ومدنهم داخل اليمن، هروبا من تداعيات الغارات الجوية والحرب.
ومن جهتهم، ظل الحوثيون، ينفذون هجمات جوية بطائرات مُسيرة وصواريخ باليستية وقوارب مفخخة، تستهدف قوات سعودية ويمنية داخل اليمن وأراضي المملكة، وقواعد عسكرية ومطارات ومنشآت اقتصادية سعودية أبرزها شركة ارامكو النفطية، العملاقة، ومنشآتها في مختلف ارجاء المملكة. مبررين هجماتهم بما يسمونه “حق الرد الطبيعي والمشروع على غارات التحالف واحتجازه سفن المشتقات النفطية".
حسب إعلان صادر عن تحالف دعم الشرعية في اليمن بقيادة السعودية، فإن “المليشيات الحوثية أطلقت على المملكة حتى الاثنين 21 يونيو 2020، 372 صاروخاً باليستياً، و659 طائرة من دون طيار، وأكثر من 96 ألف مقذوفا على الحدود، واستهدفوا البحرية بأكثر من 75 زورقاً مفخخاً”. يضاف إليه هجمات كثيفة اعلن حصرها قائد القوات المشتركة للتحالف الفريق مطلق الأزيمع، مطلع فبراير 2022م.
وقال الفريق مطلق الأزيمع: أن “المليشيا الحوثية خلال (16) شهراً منذ اعلان التحالف وقف هجماته الجوية في سبتمبر 2020م، أطلقت على المملكة 109 صواريخ باليستية و414 طائرة مسيرة، 52 زورقا مفخخا وزرع 110 الغام بحرية، استهدفت مطارات أبها ونجران ومطار الملك عبدالله بجازان، ومحطات تحلية المياه المالحة وخزانات أرامكو السعودية ومنشآت حيوية مدنية في مدينتي الرياض والدمام".
وفقا لتقارير دولية، فإن الحرب المتواصلة للسنة الثامنة، لم تحقق اهدافها المعلنة والمتمثلة في “انهاء الانقلاب الحوثي وإعادة الشرعية ممثلة بالرئيس هادي للعاصمة صنعاء”، بقدر ما دمرت البنية التحتية في البلاد وتسببت بمقتل وجرح 300 الف يمني وتشريد 4 ملايين نازحين داخليا، ونشرت مليشيات متمردة على الشرعية جنوبي وغربي البلاد" في اشارة لمليشيات ما يسمى "المجلس الانتقالي الجنوبي" وطارق عفاش.
وتؤكد تقارير الامم المتحدة أن الحرب في اليمن أدت إلى “أسوأ ازمة انسانية في العالم” جراء “انهيار القطاعات الخدمية واتساع دائرة الفقر لتشمل 75% من اليمنيين (25 مليون) تتهددهم المجاعة و16 مليون يمني يعتمدون على المساعدات الاغاثية للبقاء احياء، بفعل توقف الرواتب وانهيار الاقتصاد والعملة المحلية وارتفاع اسعار السلع الغذائية والمواد التموينية والخدمات بمقدار خمسة اضعاف ما كانت عليه”.