الاثنين 2025/11/17 الساعة 01:00 ص

الامارات تستدعي سفير اليمن عسكريا!

العربي نيوز:

اقدمت دولة الامارات على اجراء مستفز لليمنيين في الداخل والخارج، عبر استدعائها عسكريا، سفير اليمن لديها، فهد سعيد محمد المنهالي، من دون الافصاح عن الاسباب الحقيقية لهذا الاستدعاء، عدا ما تضمنه خبر مقتضب نشرته وكالة الانباء اليمنية الحكومية مساء اليوم التالي، لاحتواء وانهاء الجدل الواسع.

وأكدت وكالة الانباء اليمنية الحكومية (سبأ) بعد يوم من الجدل، واقعة استدعاء وزارة الدفاع الاماراتية السفير المنهالي، الخميس (13 نوفمبر)، لكن الوكالة عمَّدت مساء الجمعة (14 نوفمبر) الى صبغ الاستدعاء بصفة "استقبال رسمي"، وزعمت أنه كُرس "لبحث أوجه التعاون الثنائي بين البلدين".

وفقا للخبر المقتضب الذي بثته وكالة "سبأ"، فقد "التقى سفير اليمن لدى دولة الإمارات العربية المتحدة، فهد المنهالي، اليوم، وكيل وزارة الدفاع الاماراتي، الفريق الركن إبراهيم العلوي. جرى خلال اللقاء، بحث أوجه التعاون الثنائي بين البلدين الشقيقين، ومناقشة عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك".

ووصفت الوكالة ما سمته "الموضوعات ذات الاهتمام المشترك" التي جرت مناقشتها بحضور "الملحق العسكري بالسفارة اليمنية، اللواء الركن كمال همشري، وعدد من الضباط والمسؤولين في وزارة الدفاع الاماراتية"؛ بأنها "في مجالات الدفاع وبما يسهم في تحقيق المصالح المشتركة للبلدين" من دون أي تفاصيل. 

في المقابل، اثار استدعاء الامارات سفير اليمن موجة جدل واسعة بين اوساط السياسيين والاعلاميين اليمنيين، باعتباره "اجراء غير مألوف"، موضحة أن "استدعاء السفراء عادة يكون لايصال رسالة احتجاج عاجلة لحكومة دولة السفير، أو للبت في قضية طارئة أو ملف بالغ الحساسية يتطلب مناقشته بصورة عاجلة".

ورجح مراقبون سياسيون وعسكريون ان "يكون الاستدعاء على خلفية الانكشاف الاعلامي لقواعد عسكرية جوية تواصل الامارات تشييدها من دون اتفاقيات معلنة مع الحكومة اليمنية ومصادق عليها برلمانيا بكل من جزيرتي ميون وزقر بالبحر الاحمر وجزيرتي سمحة وعبد الكوري بمحافظة ارخبيل سقطرى في المحيط الهندي".

يأتي هذا، على الرغم من إعلان الامارات رسميا منتصف العام 2019م عن سحب قواتها المشاركة ضمن التحالف بقيادة السعودية، لكنها ما تزال تحتفظ بتواجد عسكري في اليمن على مستوى القيادات العسكرية الاماراتية المشرفة على قيادات المليشيات المحلية التي جرى تشكيلها بدعم وتمويل اماراتي منذ منتصف 2015م.

وتبنت الامارات، جمع الآلاف من عناصر تنظيم "القاعدة" في جنوب اليمن، لتشكيل مليشيات "مقاومة جنوبية" إبان حرب عدن 2015م، ضمت قيادات سلفية "جامية" جنوبية بارزة امثال: هاني بن بريك، وعبدالرحمن المحرمي، ومحسن الوالي، وحمدي شكري، وعبداللطيف السيد، وبسام المحضار، وغيرهم.

كما مولت الامارات علنا، منذ بدء مشاركتها في التحالف العربي لدعم الشرعية، وعبر قيادة قواتها المشاركة في "التحالف العربي لدعم الشرعية باليمن"؛ انشاء تشكيلات عسكرية محلية وتسليحها، بينها نحو 15 لواء باسم "العمالقة الجنوبية" نكاية بألوية "العمالقة" التي حسمت حرب صيف 1994م ضد انفصال جنوب اليمن.

وعقب انتهاء معركة تحرير عدن في مايو 2015م، من قوات جماعة الحوثي والرئيس الاسبق علي عفاش؛ نقلت الامارات الوية "العمالقة الجنوبية" إلى الساحل الغربي لليمن، لمواجهة الحوثيين والسيطرة على الساحل، ضمن سعيها للهيمنة على المنطقة، عبر الاستحواذ على الموانئ وفرض نفوذها على الملاحة البحرية.

بالتوازي، مولت الامارات في 2017، القيادي السابق في وزارة الداخلية، عيدروس الزُبيدي لانشاء ما سمته "المجلس الانتقالي الجنوبي" ونحو 50 لواء مسلحا بمسميات "الاحزمة الامنية" و"الدعم والاسناد" و"النُخب"، ضمن مسعاها الى فرض انفصال جنوب اليمن بدولة تابعة لأبوظبي وأجندة اطماعها في اليمن والمنطقة.

ودعمت الامارات بطيرانها الحربي، تنفيذ مليشيات "المجلس الانتقالي" انقلابا عسكريا على الشرعية اليمنية، بدءا من منتصف مايو 2019، مرورا بإسقاط العاصمة المؤقتة عدن (اغسطس 2019)، ثم محافظة سقطرى (يونيو 2020م)، ووصولا إلى السيطرة على محافظتي ابين ولحج ثم محافظة شبوة نهاية العام 2021م.

تسبب الانقلاب الاماراتي بواسطة ذراعها "الانتقالي الجنوبي" ومليشياته، في سيطرة الاخيرة على مؤسسات الدولة ومقدراتها، ومنع الحكومة الشرعية من مزاولة عملها في عدن، وتبعا انهيار الاوضاع المعيشية والادارية والخدمية والاقتصادية والامنية في عدن ومدن جنوب اليمن، واستمرار انهيار قيمة العملة الوطنية.

وتعاني مدينة عدن وعدد من مدن جنوب اليمن، انفلاتا امنيا واسعا، منذ انقلاب "المجلس الانتقالي الجنوبي" ومليشياته على الشرعية في اغسطس 2019م بدعم عسكري اماراتي، تصاعدت معه جرائم الاعتداءات والاختطافات والاغتيالات من دون ضبط ومحاكمة أي من الجناة، لانتمائهم الى مليشيا "الانتقالي الجنوبي".

عمَّدت مليشيا "الانتقالي الجنوبي" و"العمالقة الجنوبية" الممولة من الامارات، الى السيطرة على مدن ومديريات جنوب البلاد بغطاء "مكافحة الارهاب"، وارتكبت انتهاكات جسيمة لحقوق المواطنين بما فيها "العيب الاسود"، عبر اقتحام المنازل وانتهاك حرماتها، واعتقال واغتيال المواطنين الابرياء، المعارضين استبدادها وفسادها.

كما أطلقت مليشيا "الانتقالي الجنوبي" بدعم اماراتي نهاية 2021م حملة لاجتياح محافظة شبوة سمتها "اعصار الجنوب"، وأخرى لاجتياح محافظة أبين سمتها "سهام الشرق" وقوبلت انتهاكاتها لحرمات منازل المواطنين واعتقالهم، بردود فعل قبلية خلفت عشرات القتلى والجرحى من مليشيا "الانتقالي الجنوبي" بينهم القيادي عبداللطيف السيد.

وتتصاعد مظاهر الفوضى والانفلات الامني والإداري والمالي، في عدن ومدن ومحافظات سيطرة مليشيا "الانتقالي"، وتفاقم الاعتداءات على المواطنين وحرمات منازلهم واراضيهم واراضي الدولة والنهب للايرادات العامة للدولة، وجرائم الاغتيالات والاختطافات والاعتقالات خارج القانون، من دون ضبط الجناة.

يشار إلى أن الامارات تراهن على "المجلس الانتقالي الجنوبي" وتمويلها تجنيد وتسليح الوية مليشياته المسلحة ومليشيات "العمالقة الجنوبية"، في تمرير أجندة اطماعها في موقع اليمن وسواحله وجزره وثرواته، ضمن سعيها لفرض نفوذها السياسي والاقتصادي على دول المنطقة، عبر هيمنتها على خطوط الملاحة الدولية.