الأحد 2025/10/05 الساعة 02:19 ص

السعودية تفجع

العربي نيوز:

فجعت المملكة العربية السعودية، "المجلس الانتقالي الجنوبي" التابع للامارات، بإعلان حازم وصادم، وصفه مراقبون للشأن اليمني بـ "الضربة القاضية" لطموحات "الانتقالي الجنوبي" ومن ورائه الامارات، ومساعيهما الى فرض مليشياته المسلحة انفصال جنوب اليمن بدولة خادمة لاجندة اطماع ابوظبي في اليمن والمنطقة.

جاء هذا في مقال نشرته صحيفة "الشرق الاوسط" السعودية الصادرة في لندن، وأحد اهم المنابر الاعلامية للنظام السعودي، في عددها الجمعة (3 اكتوبر)، بعنوان "مواجهة الحوثيين ووحدة اليمن"، أكد أن "الانتقالي الجنوبي" لا يمثل جنوب اليمن وليس منتخبا ولا صفة قانونية تخوله الدعوة إلى انفصال جنوب اليمن.

وقالت الصحيفة في المقال المنشور باسم الكاتب المصري، والمستشار بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور حسن ابو طالب: "إن قوة اتجاه فك الارتباط لا تخفي جوانب ضعف، فمن ناحية هناك إشكالية قانونية، فالذين يطرحون هذا الاختيار يصعب التعامل معهم بوصفهم يمثلون كل الجنوب".

مضيفا: إن "الانتقالي الجنوبي ليسوا منتخبين، وليسوا مخولين لبحث فك الارتباط، وإن توفر هذا الشرط فمع من يتفاوضون؟. هل مع قادة من الشمال محسوبين على الحكومة الشرعية المنوط بها حماية دولة الوحدة من عوامل تراجعها؟ أم يتفاوضون مع جماعة ‘انصار الله‘ الحوثية في الشمال" التي زعم إنها "ترحب بقبول التقسيم القائم".

وتابع: إن "غياب قانونية التمثيل عن الجنوب، قد يبدو جانباً شكلياً، ولكنه عملياً يُقيد الدعوة إلى إنهاء دولة الوحدة اليمنية، كما يقيد أي تحركات للانخراط في عملية لفك الارتباط ومنحها مشروعية دولية واعترافاً تحت مظلة الأمم المتحدة". واستبعد "استعداد واشنطن للاشتباك القانوني والدبلوماسي مع مطلب مثير" كهذا.

مشيرا إلى أن "دعوة الزبيدي لفك الارتباط ليست جديدة من حيث مضمونها، فهو من أشد المتمسكين بفكرة الدولة الجنوبية، وكثيراً ما يؤكد أن كل المتطلبات موجودة، والمسألة تتعلق بقرار دولي يضفي الشرعية القانونية على هذا التحول الكبير". واردف: لكن هذا المطلب "تداعياته تمتد لمحيط اليمن الاقليمي والدولي".

ونوه إلى أن "قبول هذه الأفكار المتزايد في الجنوب مدفوع بحجم المعاناة والانتهاكات التي تعرّض لها الجنوب في حرب صيف 1994، التي قضت على تمثيله في دولة الوحدة التي تغير دستورها بعد الحرب، وأنهى فكرة تقاسم السلطة بين الحزبين الاشتراكي والمؤتمر الشعبي" اللذين اعادا توحيد شطري اليمن عام 1990م. 

يأتي هذا إثر استغلال رئيس "المجلس الانتقالي الجنوبي" عيدروس الزُبيدي مرافقته رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي لحضور اجتماع الجمعية العمومية للامم المتحدة، في الحديث مع وسائل اعلام امريكية وإحدى الجامعات الأميركية عن أن انفصال جنوب اليمن أو ما يسميه "استعادة دولة الجنوب"، شرط للسلام.

كرر الزُبيدي في احاديثه لوسائل اعلام امريكية، بينها "سكاي نيوز" بالعربية التي تبث من ابوظبي، زعمه أن "كل محاولات ترميم الوحدة فشلت"، وأن "مواجهة الحوثيين تبدأ باستعادة الجنوب لدولته". وجدد تأكيد استعداده ومجلسه للتطبيع مع الكيان الاسرائيلي والربط بين التطبيع مع الكيان وفك ارتباط جنوب اليمن عن شماله.

وقال الزُبيدي في مقابلة مع صحيفة "ذا ناشيونال": إن "إعلان قيام دولة جنوب اليمن المستقلة سيمهد الطريق لإقامة علاقات مع إسرائيل". وقال: إن الانفصال سيسمح للجنوب باتخاذ قراراته الخاصة في السياسة الخارجية بما في ذلك خيار الانضمام إلى اتفاقيات أبراهام و"عندما تكون لدينا دولتنا الجنوبية سنتخذ قراراتنا بأنفسنا".

ترافقت تصريحات رئيس "الانتقالي الجنوبي" مع كشف وسائل اعلام الكيان الاسرائيلي عن زيارات وفود من الكيان الى عدن وعقدها لقاءات مع قيادات "الانتقالي" وقادة مليشياته المسلحة في عدن والضالع وابين وشبوة، ضمن ترتيبات اماراتية للتنسيق العسكري في مواجهة جماعة الحوثي الانقلابية وتهديداتها للكيان وملاحته البحرية.

تفاصيل: تأكيد زيارة وفد "اسرائيلي" عدن (صور)

واعلنت الولايات المتحدة الامريكية، رسميا، ولأول مرة، ادانتها "المجلس الانتقالي الجنوبي" التابع للامارات، واقدام مليشياته على قمع المواطنين والمواطنات في المكلا، وتصاعد جرائم مليشياته بحق المواطنين وانتهاكه حرماتهم وحقوقهم الدستورية بما فيها حق حرية التعبير والاحتفال ورفع علم دولتهم.

تفاصيل: امريكا تدين "الانتقالي" وتحذره (بيان)

يواصل "الانتقالي الجنوبي"، سعيه للسيطرة على كامل جنوب البلاد وفرض انفصاله بقوة سلاح مليشياته المتمردة؛ وانتهاج سياسة الاقصاء والقمع لكل من يختلف معه أو ينتقده، وتطبيق النهج الشمولي للحزب الاشتراكي اليمني، ابان توليه حكم جنوب البلاد، وإعمال شعاره "لا صوت يعلو على صوت الحزب".

وتصر سلطات "الانتقالي الجنوبي" ومليشياته على حظر اي مظاهر احتفاء او احتفال بذكرى اعادة توحيد شطري اليمن، أو رفع علم الجمهورية اليمنية، في مقابل اصراره على رفع علم التشطير الانفصالي لما كان يسمى "جمهورية اليمن الديمقراطية"، وتفتيت النسيج الوطني للمجتمع اليمني بممارسات عنصرية ومناطقية.

تفاصيل: "الانتقالي" يباشر الانفصال بقرار يسري اليوم!

بالتوازي، تتصاعد مظاهر الفوضى والانفلات الامني والإداري والمالي، في عدن ومدن ومحافظات سيطرة مليشيا "الانتقالي"، وتتفاقم الاعتداءات على المواطنين وحرمات منازلهم واراضيهم واراضي الدولة والنهب للايرادات العامة للدولة، وجرائم الاغتيالات والاختطافات والاعتقالات خارج القانون، من دون ضبط الجناة.

وعمَّدت مليشيا "الانتقالي الجنوبي" و"العمالقة الجنوبية" الممولة من الامارات، الى السيطرة على مدن ومديريات جنوب البلاد بغطاء "مكافحة الارهاب"، وارتكبت انتهاكات جسيمة لحقوق المواطنين بما فيها "العيب الاسود"، عبر اقتحام المنازل وانتهاك حرماتها، واعتقال واغتيال المواطنين الابرياء، المعارضين استبدادها وفسادها.

تبنت الامارات، جمع الآلاف من عناصر تنظيم "القاعدة" في جنوب اليمن، لتشكيل مليشيات "مقاومة جنوبية" إبان حرب عدن 2015م، ضمت قيادات سلفية "جامية" جنوبية بارزة امثال: هاني بن بريك، وعبدالرحمن المحرمي، ومحسن الوالي، وحمدي شكري، وعبداللطيف السيد، وبسام المحضار، وغيرهم.

تفاصيل: الامارات تمول "القاعدة" باليمن (وثيقة)

ومولت الامارات علنا، منذ بدء مشاركتها في التحالف العربي لدعم الشرعية، وعبر قيادة قواتها المشاركة في "التحالف العربي لدعم الشرعية باليمن"؛ انشاء تشكيلات عسكرية محلية وتسليحها، بينها نحو 15 لواء باسم "العمالقة الجنوبية" نكاية بألوية "العمالقة" التي حسمت حرب صيف 1994م ضد انفصال جنوب اليمن.

عقب انتهاء معركة تحرير عدن في مايو 2015م، من قوات جماعة الحوثي والرئيس الاسبق علي عفاش؛ نقلت الامارات الوية "العمالقة الجنوبية" إلى الساحل الغربي لليمن، لمواجهة الحوثيين والسيطرة على الساحل، ضمن سعيها للهيمنة على المنطقة، عبر الاستحواذ على الموانئ وفرض نفوذها على الملاحة البحرية.

بالتوازي، مولت الامارات في 2017، القيادي السابق في وزارة الداخلية، عيدروس الزُبيدي لانشاء ما سمته "المجلس الانتقالي الجنوبي" ونحو 50 لواء مسلحا بمسميات "الاحزمة الامنية" و"الدعم والاسناد" و"النُخب"، ضمن مسعاها الى فرض انفصال جنوب اليمن بدولة تابعة لأبوظبي وأجندة اطماعها في اليمن والمنطقة.

ودعمت الامارات بطيرانها الحربي، تنفيذ مليشيات "المجلس الانتقالي" انقلابا عسكريا على الشرعية اليمنية، بدءا من منتصف مايو 2019، مرورا بإسقاط العاصمة المؤقتة عدن (اغسطس 2019)، ثم محافظة سقطرى (يونيو 2020م)، ووصولا إلى السيطرة على محافظتي ابين ولحج ثم محافظة شبوة نهاية العام 2021م.

تسبب الانقلاب الاماراتي بواسطة ذراعها "الانتقالي الجنوبي" ومليشياته، في سيطرة الاخيرة على مؤسسات الدولة ومقدراتها، ومنع الحكومة الشرعية من مزاولة عملها في عدن، وتبعا انهيار الاوضاع المعيشية والادارية والخدمية والاقتصادية والامنية في عدن ومدن جنوب اليمن، واستمرار انهيار قيمة العملة الوطنية.

وتعاني مدينة عدن وعدد من مدن جنوب اليمن، انفلاتا امنيا واسعا، منذ انقلاب "المجلس الانتقالي الجنوبي" ومليشياته على الشرعية في اغسطس 2019م بدعم عسكري اماراتي، تصاعدت معه جرائم الاعتداءات والاختطافات والاغتيالات دون ضبط ومحاكمة أي من الجناة، لانتمائهم الى مليشيا "الانتقالي الجنوبي".

تفاصيل: غضب شعبي يباغت المليشيا بكل شارع (صور)

وأطلقت مليشيا "الانتقالي الجنوبي" بدعم اماراتي نهاية 2021م حملة لاجتياح محافظة شبوة سمتها "اعصار الجنوب"، وأخرى لاجتياح محافظة أبين سمتها "سهام الشرق" وقوبلت انتهاكاتها لحرمات منازل المواطنين واعتقالهم، بردود فعل قبلية خلفت عشرات القتلى والجرحى من مليشيا "الانتقالي الجنوبي" بينهم القيادي عبداللطيف السيد.

يشار إلى أن الامارات تراهن على "المجلس الانتقالي الجنوبي" وتمويلها تجنيد وتسليح الوية مليشياته المسلحة ومليشيات "العمالقة الجنوبية"، في تمرير أجندة اطماعها في موقع اليمن وسواحله وجزره وثرواته، ضمن سعيها لفرض نفوذها السياسي والاقتصادي على دول المنطقة، عبر هيمنتها على خطوط الملاحة الدولية.