العربي نيوز:
تدخلت المملكة العربية السعودية، سريعا، لعقلنة "المجلس الانتقالي الجنوبي" الانفصالي التابع للامارات، بعد تصعيده الاخير ضد الشرعية اليمنية، واصدار رئيسه عيدروس الزُبيدي قرارات تعيين نواب وزراء ووكلاء محافظات ووزارات، ورؤساء هيئات دون الرجوع لرئيس المجلس الرئاسي واعضاء المجلس بزعم "أن الارض ارضه والشعب شعبه".
وتراجع "الانتقالي الجنوبي" رسميا، عن تهديداته في بيانه الاربعاء، بإصدار متحدثه، انور التميمي، ليل الخميس (11 سبتمبر)، ما سماه "احاطة إلى وسائل اعلام دولية" بشأن المستجدات والقرارات الصادرة الاربعاء، عن رئيسه عيدروس الزُبيدي، بحضور ممثل الزُبيدي للشؤون الخارجية، ورئيس الهيئة الاقتصادية والخدمية في "الانتقالي".
وفقا لما نشره الموقع الالكتروني لـ "المجلس الانتقالي الجنوبي"، قال متحدث المجلس انور التميمي في الاحاطة : إن "القرارات جاءت لمساندة الحكومة وتعزيز الشراكة القائمة، وأن الشخصيات المعيّنة حديثًا ستكون عونًا للحكومة". زاعما أن "المجلس الانتقالي لا يتجه إلى فضّ هذه الشراكة، بل إلى ترسيخها بما يخدم مصلحة المواطنين".
وتابع التميمي: إن "المجلس الانتقالي الجنوبي يضاعف جهوده للخروج من التحديات الاقتصادية الخانقة في البلاد". لكنه استدرك هذا التراجع بقوله: "ولا يمكن أن يقف موقف المتفرج أمام معاناة الناس". وأردف: إن "اساس علاقة المجلس الانتقالي بالحكومات المتعاقبة يرتكز على مدى قدرتها على حلحلة الملف الاقتصادي". حسب تعبيره.
زاعما ان الاصلاحات المتحققة مؤخرا ومنها تحسن سعر صرف العملة "لم تكن لتتحقق لولا الغطاء والدعم الذي وفره المجلس الانتقالي"، الذي قال: إنه "يدفع باتجاه إقرار موازنة عامة للدولة، وهو ما لم يتم بانتظام منذ 2017، ومحاربة الفساد المالي والإداري، وتحسين الخدمات الأساسية وعلى رأسها الكهرباء، واستئناف تصدير النفط والغاز".
وعزز المتحدث باسم "المجلس الانتقالي الجنوبي" التابع للامارات، دوافع رئيس المجلس عيدروس الزُبيدي إلى اصدار قرارات تعيين -احادية- مخالفة لقرار الرئيس هادي نقل السلطة الى مجلس قيادة رئاسي، بقوله: إن "الانتقالي الجنوبي" يعمل على "إعادة هيكلة الحكومة ومنح الكفاءات الجنوبية مساحة أكبر لإدارة شؤون محافظات الجنوب".
جاءت الاحاطة، عقب يوم واحد على اصدار متحدث "الانتقالي الجنوبي" بيانا رسميا، ليل الاربعاء (10 سبتمبر)، زعم فيه "تعرض شعب الجنوب لتجاهل حقوقه المشروعة ومحاولات مستمرة للانتقاص من حقوقه المترتبة على الشراكة السياسة". في اشارة الى الشراكة مع الشرعية في المجلس الرئاسي، التي كال لها اتهامات باستهداف ماسماه "الجنوب".
وأدعى البيان، أن شعب الجنوب (المحافظات اليمنية الجنوبية) يواجه ويعاني من "عرقلة صرف مرتبات موظفيه المدنيين والعسكريين، وعرقلة القرارات الخاصة بتمكين الكوادر الجنوبية وتعطيل تنفيذ اتفاق الرياض 2019م، وتنفيذ الالتزامات الواردة في مشاورات الرياض 2022م، يمثل استهدافاً مباشراً لجوهر الشراكة التي توافقنا عليها". حد زعمه.
مهددا: "نعلن بوضوح أن الشراكة الحقيقية لا يمكن أن تقوم على التجاهل أو الانتقاص او الاقصاء، وإنما على العدالة والالتزام الكامل بالحقوق غير القابلة للتجزئة أو التأخير". ومحذرا: "شعبنا الجنوبي قدّم التضحيات الجسام دفاعاً عن أرضه وهويته، ولن يقبل أن تتحول الشراكة التي سعى من اجل مضامينها السياسية والحقوقية والأمنية، إلى أداة لحرمانه من أبسط حقوقه".
وتابع: "من هنا فإننا نجدد تأكيدنا على حقيقة راسخة يبدو ان الكثير من الأطراف قد تناساها وهي ان "الأرض أرض شعب الجنوب، والقرار قراره، ولن تثنينا أي محاولات لتجويع شعبنا أو كسر إرادته". متوعدا بقوله: "يؤكد المجلس الانتقالي انه سيمضي في حماية حقوق شعبه وصيانة منجزاته وتحقيق اهدافه المشروعة" مشيدا بالتحالف العربي.
يتزامن هذا مع عقد رئيس "الانتقالي الجنوبي" عيدروس الزبيدي، الخميس (11 سبتمبر) اجتماعا موسعا مع "إدارة العمليات المشتركة" التي تضم امن عدن ومليشيات "الانتقالي الجنوبي"، حثهم خلاله على "بذل المزيد من الجهود لتطوير آليات العمل الأمني، ورفع قدرات الكادر الأمني الشاب، والاستفادة من التقنيات الحديثة للارتقاء بالعمل الأمني".
في المقابل، اتفق سياسيون، بينهم السكرتير الصحفي برئاسة الجمهورية ومستشار وزير الاعلام سابقا، مختار الرحبي، في أن "عيدروس الزبيدي يقود انقلاباً جديداً على الشرعية وعلى مجلس القيادة الرئاسي، عبر إصدار قرارات في مناصب محافظات ووزارات، وهي صلاحيات حصرية لرئيس المجلس رشاد العليمي".
مضيفا في تدوينة على حسابه بمنصة إكس (توتير سابقا): "هذا السلوك ليس مفاجئاً، فالزبيدي انقلابي منذ اليوم الأول ولا يمكن أن يكون جزءاً من مشروع الدولة والجمهورية بل اداة بيد الإمارات، حيث يعمل تفكيك الدولة وفرض أجندة انفصالية تتعارض مع الشرعية والدولة والجمهورية . وهو ما يوافق طرح كثير من السياسيين.
يأتي هذا في ظل مواصلة "الانتقالي الجنوبي" سعيه للسيطرة على كامل جنوب البلاد وفرض انفصاله بقوة سلاح مليشياته المتمردة؛ وانتهاج سياسة الاقصاء والقمع لكل من يختلف معه أو ينتقده، وتطبيق النهج الشمولي للحزب الاشتراكي اليمني، ابان توليه حكم جنوب البلاد، وإعمال شعاره "لا صوت يعلو على صوت الحزب".
وتتصاعد مظاهر الفوضى والانفلات الامني والإداري والمالي، في عدن ومدن ومحافظات سيطرة مليشيا "الانتقالي"، وتفاقم الاعتداءات على المواطنين وحرمات منازلهم واراضيهم واراضي الدولة والنهب للايرادات العامة للدولة، وجرائم الاغتيالات والاختطافات والاعتقالات خارج القانون، دون ضبط الجناة.
عمَّدت مليشيا "الانتقالي الجنوبي" و"العمالقة الجنوبية" الممولة من الامارات، الى السيطرة على مدن ومديريات جنوب البلاد بغطاء "مكافحة الارهاب"، وارتكبت انتهاكات جسيمة لحقوق المواطنين بما فيها "العيب الاسود"، عبر اقتحام المنازل وانتهاك حرماتها، واعتقال واغتيال المواطنين الابرياء، المعارضين استبدادها وفسادها.
وتبنت الامارات، جمع الآلاف من عناصر تنظيم "القاعدة" في جنوب اليمن، لتشكيل مليشيات "مقاومة جنوبية" إبان حرب عدن 2015م، ضمت قيادات سلفية "جامية" جنوبية بارزة امثال: هاني بن بريك، وعبدالرحمن المحرمي، ومحسن الوالي، وحمدي شكري، وعبداللطيف السيد، وبسام المحضار، وغيرهم.
تفاصيل: الامارات تمول "القاعدة" باليمن (وثيقة)
مولت الامارات علنا، منذ بدء مشاركتها في التحالف العربي لدعم الشرعية، وعبر قيادة قواتها المشاركة في "التحالف العربي لدعم الشرعية باليمن"؛ انشاء تشكيلات عسكرية محلية وتسليحها، بينها نحو 15 لواء باسم "العمالقة الجنوبية" نكاية بألوية "العمالقة" التي حسمت حرب صيف 1994م ضد انفصال جنوب اليمن.
وعقب انتهاء معركة تحرير عدن في مايو 2015م، من قوات جماعة الحوثي والرئيس الاسبق علي عفاش؛ نقلت الامارات الوية "العمالقة الجنوبية" إلى الساحل الغربي لليمن، لمواجهة الحوثيين والسيطرة على الساحل، ضمن سعيها للهيمنة على المنطقة، عبر الاستحواذ على الموانئ وفرض نفوذها على الملاحة البحرية.
بالتوازي، مولت الامارات في 2017، القيادي السابق في وزارة الداخلية، عيدروس الزُبيدي لانشاء ما سمته "المجلس الانتقالي الجنوبي" ونحو 50 لواء مسلحا بمسميات "الاحزمة الامنية" و"الدعم والاسناد" و"النُخب"، ضمن مسعاها الى فرض انفصال جنوب اليمن بدولة تابعة لأبوظبي وأجندة اطماعها في اليمن والمنطقة.
ودعمت الامارات بطيرانها الحربي، تنفيذ مليشيات "المجلس الانتقالي" انقلابا عسكريا على الشرعية اليمنية، بدءا من منتصف مايو 2019، مرورا بإسقاط العاصمة المؤقتة عدن (اغسطس 2019)، ثم محافظة سقطرى (يونيو 2020م)، ووصولا إلى السيطرة على محافظتي ابين ولحج ثم محافظة شبوة نهاية العام 2021م.
تسبب الانقلاب الاماراتي بواسطة ذراعها "الانتقالي الجنوبي" ومليشياته، في سيطرة الاخيرة على مؤسسات الدولة ومقدراتها، ومنع الحكومة الشرعية من مزاولة عملها في عدن، وتبعا انهيار الاوضاع المعيشية والادارية والخدمية والاقتصادية والامنية في عدن ومدن جنوب اليمن، واستمرار انهيار قيمة العملة الوطنية.
وتعاني مدينة عدن وعدد من مدن جنوب اليمن، انفلاتا امنيا واسعا، منذ انقلاب "المجلس الانتقالي الجنوبي" ومليشياته على الشرعية في اغسطس 2019م بدعم عسكري اماراتي، تصاعدت معه جرائم الاعتداءات والاختطافات والاغتيالات دون ضبط ومحاكمة أي من الجناة، لانتمائهم الى مليشيا "الانتقالي الجنوبي".
تفاصيل: غضب شعبي يباغت المليشيا بكل شارع (صور)
وأطلقت مليشيا "الانتقالي الجنوبي" بدعم اماراتي نهاية 2021م حملة لاجتياح محافظة شبوة سمتها "اعصار الجنوب"، وأخرى لاجتياح محافظة أبين سمتها "سهام الشرق" وقوبلت انتهاكاتها لحرمات منازل المواطنين واعتقالهم، بردود فعل قبلية خلفت عشرات القتلى والجرحى من مليشيا "الانتقالي الجنوبي" بينهم القيادي عبداللطيف السيد.
يشار إلى أن الامارات تراهن على "المجلس الانتقالي الجنوبي" وتمويلها تجنيد وتسليح الوية مليشياته المسلحة ومليشيات "العمالقة الجنوبية"، في تمرير أجندة اطماعها في موقع اليمن وسواحله وجزره وثرواته، ضمن سعيها لفرض نفوذها السياسي والاقتصادي على دول المنطقة، عبر هيمنتها على خطوط الملاحة الدولية.