العربي نيوز - صنعاء:
بدأت رايات علم الجمهورية اليمنية، في اجتياح العاصمة صنعاء، على نحو لافت وغير مسبوق، مع اقتراب حلول الذكرى الثانية والستين لثورة السادس والعشرين من سبتمبر المجيدة، في وقت حظرت مليشيا "الانتقالي الجنوبي" رفع علم الجمهورية واحتفالات الذكرى في عدن والمحافظات الجنوبية.
وأفادت مصادر محلية في العاصمة صنعاء بأن "رايات علم الجمهورية اليمنية، بدأت في الانتشار على وفي واجهات جميع المرافق والمؤسسات الحكومية في العاصمة، والشركات والمؤسسات الخاصة، وكذا العمارات السكنية ومنازل المواطنين". مشيرة إلى "صدور تعميم بذلك من سلطات الحوثيين".
موضحة أن سلطات جماعة الحوثي اغلقت منطقة ميدان التحرير، وسط العاصمة صنعاء، بدعوى "بدء ترتيبات وتجهيزات الاحتفال الرسمي بالعيد الـ ٦٢ لثورة الـ ٢٦ من سبتمبر المباركة، وايقاد شعلتها"، وهو الحفل الذي حرصت سلطات جماعة الحوثي على استمراره خلال السنوات الماضية.
كما أعلنت "وزارة الخدمة المدنية والتطوير الاداري" في حكومة الحوثيين غير المعترف بها، الثلاثاء (24 سبتمبر)، أن "يوم الخميس المقبل ٢٦ سبتمبر ٢٠٢٤م إجازة رسمية، بمناسبة العيد الـ ٦٢ لثورة الـ ٢٦ من سبتمبر المباركة". ورفعت "التهاني لسلطات الحوثيين وكافة ابناء الشعب اليمني".
شاهد .. حكومة الحوثيين تحتفي بـ "26 سبتمبر"
يتزامن هذا مع اصدار المؤتمر الشعبي العام، اعلانا رسميا مفاجئا للجميع، مساء الاثنين (23 سبتمبر) تضمن قراره الغاء "حركة 26 سبتمبر" المُعدة للانقضاض على جماعة الحوثي الانقلابية واسقاط سلطاتها من داخل صنعاء ومحافظات سيطرتها، ودعوته منتسبيه لوقف احتفالاتهم وحصرها في الاحتفال الرسمي.
تفاصيل: المؤتمر الشعبي يلغي احتفالات "26 سبتمبر" (بيان)
وترافق هذا، مع اعلان مليشيا "المجلس الانتقالي الجنوبي" التابعة للامارات، رسميا، قرار الغاء اي احتفالات بذكرى ثورة 26 سبتمبر المجيدة، في عدن وجميع المحافظات الجنوبية ، لترغم الحكومة اليمنية على اصدار قرار مفاجئ وفاجع لليمنيين بإلغاء رفع رايات الجمهورية واحتفالات "26 سبتمبر" في المحافظات المحررة باستثناء محافظتين.
ورد هذا في امر رسمي صادر عما يسمى "القوات المسلحة الجنوبية"، السبت (21 سبتمبر)، تضمن امر قائد مليشيا "الحزام الامني" في عدن والمحافظات الجنوبية وقائد "لواء العاصفة" وقيادة الوية "الدعم والاسناد" الممولة من الامارات، بحظر رفع علم اليمن واحتفالات "26 سبتمبر".
ونص امر مليشيات "المجلس الانتقالي الجنوبي"، على أن "يمنع اي احتفالات بمناسبة ذكرى ثورة 26 سبتمبر ويمنع رفع الاعلام في المحافظات الجنوبية، ويكتفى بالاحتفال في الوحدات في مارب والساحل وتعز. وتعتبر التعليمات الصادرة من رئيس هيئة الاركان العامة ملغية".
في المقابل، اصدر وزير الدفاع الفريق الركن محسن الداعري، الاحد (22 سبتمبر) أمرا برقم (3096 - 130) عممه مركز القيادة والسيطرة الرئيسي، إلى رئيس هيئة الاركان العامة قائد العمليات المشتركة، الفريق الركن صغير بن عزيز، بإلغاء توجيهات الاخير، الاثنين الفائت.
ونص الامر على أن "يتم إيقاد شعلة ثورة 26 سبتمبر في المحافظات المحررة رسميا في محافظتي (مارب، تعز) فقط، وفي مقر قيادة المنطقة الرابعة في العند، وإلغاء كافة التعليمات السابقة الصادرة من كافة المستويات بخصوص الاعداد والتجهيز لإيقاد شعلة 26 سبتمبر".
جاء هذا بعد اقل من اسبوع على اصدار رئيس هيئة الاركان العامة قائد العمليات المشتركة، الفريق الركن صغير بن عزيز، الاثنين (16 سبتمبر)، الامر رقم (2199) إلى دائرة التوجيه المعنوي بوزارة الدفاع بأن "يتم رفع الاعلام والصور في عواصم المحافظات المحررة".
ووجه رئيس هيئة الاركان دائرتي الامداد والتموين والدائرة المالية بأن "يتم شراء 25 ألف علم للجمهورية اليمنية بمختلف الاحجام (كبير ومتوسط، وشاح)، وصور قيادات ثورة 26 سبتمبر، وسرعة نقلها إلى محافظات عدن، ابين، تعز، الضالع، لحج، حضرموت، شبوة، والمهرة".
يأتي الغاء مليشيا "الانتقالي الجنوبي" ووزير الدفاع قرار رئيس هيئة الاركان، برفع رايات العلم وصور قيادات ثورة 26 سبتمبر في المحافظات المحررة، بالتزامن مع اعلان جماعة الحوثي الانقلابية، احتفالها الرسمي السنوي بذكرى ثورة 26 سبتمبر وايقاد شعلتها بمناطق سيطرتها.
ويصر "المجلس الانتقالي الجنوبي" عبر مليشياته المسلحة، وبدعم مباشر من الامارات، على فرض انفصال جنوب اليمن تحت مسمى "استعادة دولة الجنوب" لتكون تابعة لأبوظبي ومكرسة لخدمة أجندة اطماعها في موقع اليمن وثرواته وسواحله وموانئه وجزره الاستراتيجية.
مولت الامارات علنا، منذ بدء مشاركتها في التحالف العربي لدعم الشرعية، وعبر قيادة قواتها المشاركة في "التحالف العربي لدعم الشرعية باليمن"؛ انشاء تشكيلات عسكرية محلية وتسليحها، بينها نحو 15 لواء باسم "العمالقة الجنوبية" نكاية بألوية "العمالقة" التي حسمت حرب صيف 1994م ضد انفصال جنوب اليمن.
وعقب انتهاء معركة تحرير عدن في مايو 2015م، من قوات جماعة الحوثي والرئيس الاسبق علي عفاش؛ نقلت الامارات الوية "العمالقة الجنوبية" إلى الساحل الغربي لليمن، لمواجهة الحوثيين والسيطرة على الساحل، ضمن سعيها للهيمنة على المنطقة، عبر الاستحواذ على الموانئ وفرض نفوذها على الملاحة البحرية.
بالتوازي، مولت الامارات في 2017، القيادي السابق بوزارة الداخلية، عيدروس الزُبيدي لانشاء ما سمته "المجلس الانتقالي الجنوبي" ونحو 50 لواء مسلحا بمسميات "الاحزمة الامنية" و"الدعم والاسناد" و"النُخب"، ضمن مسعاها الى فرض انفصال جنوب اليمن بدولة تابعة لأبوظبي وأجندة اطماعها في اليمن والمنطقة.
ودعمت الامارات بطيرانها الحربي، تنفيذ مليشيات "المجلس الانتقالي" انقلابا عسكريا على الشرعية اليمنية، بدءا من منتصف مايو 2019، مرورا بإسقاط العاصمة المؤقتة عدن (اغسطس 2019)، ثم محافظة سقطرى، ووصولا للسيطرة على محافظتي ابين ولحج ثم شبوة نهاية العام 2021م.
تسبب الانقلاب الاماراتي بواسطة ذراعها "الانتقالي الجنوبي" ومليشياته، في سيطرة الاخيرة على مؤسسات الدولة ومقدراتها، ومنع الحكومة الشرعية من مزاولة عملها في عدن، وتبعا انهيار الاوضاع المعيشية والادارية والخدمية والاقتصادية والامنية في عدن ومدن جنوب اليمن.
وتعاني مدينة عدن وعدد من مدن جنوب اليمن، انفلاتا امنيا واسعا، منذ انقلاب "المجلس الانتقالي الجنوبي" ومليشياته على الشرعية في اغسطس 2019م بدعم عسكري اماراتي، تصاعدت معه جرائم الاعتداءات والاختطافات والاغتيالات دون ضبط ومحاكمة أي من الجناة، لانتمائهم الى مليشيا "الانتقالي".
تفاصيل: غضب شعبي يباغت المليشيا بكل شارع (صور)
عمَّدت مليشيا "الانتقالي الجنوبي" و"العمالقة الجنوبية" الممولة من الامارات، الى السيطرة على مدن ومديريات الجنوب بغطاء "مكافحة الارهاب" وارتكبت انتهاكات جسيمة لحقوق المواطنين والعيب الاسود، شملت اقتحام المنازل وانتهاك حرماتها، واعتقال واغتيال عشرات من المواطنين الابرياء.
وأطلقت مليشيا "الانتقالي" بدعم اماراتي نهاية 2021م حملة لاجتياح محافظة شبوة سمتها "اعصار الجنوب"، وأخرى لاجتياح محافظة أبين سمتها "سهام الشرق" وقوبلت انتهاكاتها لحرمات منازل المواطنين واعتقالهم، بردود فعل قبلية خلفت عشرات القتلى والجرحى من المليشيا بينهم القيادي عبداللطيف السيد.
يشار إلى أن الامارات تراهن على "المجلس الانتقالي الجنوبي" وتمويلها تجنيد وتسليح الوية مليشياته المسلحة ومليشيات "العمالقة الجنوبية"، في تمرير أجندة اطماعها في موقع اليمن وسواحله وجزره وثرواته، ضمن سعيها لفرض نفوذها السياسي والاقتصادي على دول المنطقة، عبر هيمنتها على خطوط الملاحة الدولية.