العربي نيوز - عدن:
اتخذت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، قرارا جريئا وقويا، وصفه مراقبون للشأن اليمني بأنه "انقلابي على شبكة الفساد"، ومن شأن بدء سريانه اسقاط منظومة كبرى من هوامير الفساد المستفيدة من تعطيل مصافي عدن لصالح احتكار استيراد المشتقات النفطية باسعار فاحشة تفاقم معاناة المواطنين.
وذكرت وكالة الانباء الحكومية (سبأ)، أن مجلس الوزراء في اجتماعه الدوري الاثنين المنعقد في العاصمة المؤقتة عدن برئاسة الدكتور احمد عوض بن مبارك، قرر استعادة نشاط مصافي عدن كمنطقة حرة، حيث وافق على ممارسة شركة مصافي عدن لنشاطها وفقاً لنظام المنطقة الحرة".
مضيفة "ووجه المجلس، وزراء النفط والمعادن، والمالية، والشؤون القانونية، والنقل، والدولة محافظ عدن، ورئيس المنطقة الحرة بعدن، بالعمل على ترجمة القرار، وتوجيه الجهات ذات العلاقة كلاً بحسب اختصاصها بالعمل بموجب الإجراءات المتبعة لتنفيذ القرار ووفقاً لما كان معمول به".
شاهد .. الحكومة تتخذ قرارا جريئا وقويا
وسبق أن اقر رئيس الحكومة، الدكتور احمد بن مبارك، لدى زيارته مصافي عدن واجتماعه بقيادتها، مطلع مايو الماضي، بتعرض شركة مصافي عدن، للاهمال والتدمير لصالح احتكار مجموعة من التجار عملية استيراد المشتقات النفطية بأرباح خيالية، داعيا إلى "إعادة الاعتبار لهذه المنشاة الحيوية وقيمتها".
شاهد .. رئيس الحكومة يقر بإهمال مصافي عدن
وفي العام 2015م، جرى ايقاف النشاط الاقتصادي الحيوي والهام لشركة مصافي عدن في مديرية البريقة بالعاصمة المؤقتة عدن، بذريعة الحرب وتداعياتها، في مقابل تمكين تجار من احتكار عملية استيراد المشتقات النفطية الى عدن والمحافظات الجنوبية، وتأجير منشآت مصافي عدن لصالحها.
كما أحبط رئيس الحكومة الاسبق، الدكتور احمد عبيد بن دغر، منتصف يوليو 2016م، صفقة فساد كبرى، ووجه بإيقاف بيع بعض أصول شركة مصافي عدن بعد طرح الشركة مناقصة لبيع اربع بواخر قديمة دون علم الحكومة أو قرار صادر عنها، باعتبارها جهة الاختصاص الوحيدة بقرار بيع اصول الدولة.
شاهد .. احباط صفقة فساد كبرى بمصافي عدن
ومطلع العام الجاري، اقر احد وزراء "المجلس الانتقالي الجنوبي" التابع للامارات، في الحكومة، بتعطيل مصافي عدن لصالح هوامير الفساد، وقال وزير الخدمة المدنية والتأمينات عبدالناصر الوالي، في تصريح مصور: إن "ما تُعاني منه عدن من تجويع وافقار وأمراض منتشرة، ناتجة عن فعل مُمنهج".
مضيفا: إن "تسعين بالمائة مما يتعرض له ميناء ومصفاة عدن، عائد للحصار المفروض عليهما من الخارج" في اشارة الى تواطؤ التحالف مع مجموعة من التجار، في تعطيل نشاط ميناء عدن الدولي ومصافي عدن، لمفاقمة تدهور الاوضاع الاقتصادية والخدمية والمعيشية في عدن، وفي مقدمها الكهرباء.
وتابع: "إن "الدولة العميقة هي من تقف وراء النهب الشبه الكامل للمنافذ، وترفض التدوير والتغيير والمحاسبة لاسيما في المرافق الإيرادية والخدمية وفق القانون". وأردف: "أرباح مصافي عدن لا تذهب إلى البنك المركزي اليمني، وإنما لشخصيات نافذة، وهناك صراع مع الدولة العميقة لاستعادة نشاط مصافي عدن".
كاشفا أن "الأرباح الشهرية للمصفاة 59 مليون دولار، يستفيد منها حالياً أناس ليس لهم علاقة بالدولة ولا بالمصفاة، وهم من يعملون على تعطيل هذه المصفاة وعدم إتاحة الفرصة لكي تقوم بدورها"، معتبراً أن "استقرار المصفاة سينهي أزمة الكهرباء والمياه الوقود، ما سيحل أزمة العملة والغذاء". حسب تعبيره.
شاهد .. وزير في "الانتقالي" يقر بفساد مصافي عدن (فيديو)
وتعاني العاصمة المؤقتة عدن والمحافظات الجنوبية، تدهور الاوضاع العامة وانهيار قطاع الخدمات وفي مقدمها قطاع الكهرباء والمياه، جراء تعطيل مصافي عدن، واحتكار عدد من التجار النافذين عملية استيراد المشتقات النفطية بأضعاف مضاعفة لسعرها العالمي ما دعا محافظ البنك المركزي الى وصف مشتقات الكهرباء بأنها "الثقب الاسود".
يترافق هذا مع تداعيات استمرار انهيار قيمة الريال اليمني وتأخر صرف رواتب الموظفين، وارتفاع اسعار السلع والمشتقات النفطية، في تفاقم تدهور الاوضاع المعيشية والخدمية والاقتصادية وانقطاع الكهرباء في ظل الصيف اللاهب، وتتصاعد مظاهر حالة من الفوضى في عدن بعد انتشار كبير للحبوب المخدرة والحشيش، وانتشار النازحين الأفارقة.
ويرى مراقبون للشأن اليمني، أن تدهور الاوضاع المعيشية والخدمية "سابق لتوقف تصدير النفط جراء استهداف الحوثيين موانئ التصدير"، مرجعين التدهور إلى "الفساد وحماية شركاء السلطة للمفسدين". متهمين التحالف ومجلس القيادة الرئاسي والحكومة والمجلس الانتقالي بأنهم "شركاء في حرب الخدمات واخضاع المواطنين لهذا الفساد".
من جانبهم، يُرجع سياسيون واقتصاديون تفاقم تدهور الاوضاع المعيشية والخدمية والاقتصادية في عدن والمحافظات الجنوبية الى "اتساع الاختلالات في المالية العامة للحكومة وصرف رواتب كبار موظفيها بالعملة الصعبة بجانب تبادل اتهامات الفساد بين شركاء الحكومة".
ويتهم "المجلس الانتقالي الجنوبي" الانفصالي، الحكومة التي يستحوذ نصف مقاعدها بـ "صفقات فساد تتجاوز عدم ايداع ايرادات الدولة في البنك المركزي اليمني إلى نهب المساعدات والمنح المالية وانشاء شركات استثمارية خاصة خارج البلاد، بجانب المضاربة على العملة".
في المقابل، تتهم الحكومة "الانتقالي" بأنه "يعيق عمل الحكومة بإصراره على استمرار انتشار ونفوذ فصائل مليشياته المتعددة" منذ انقلابه المسلح على الشرعية اليمنية في اغسطس 2019م، بتمويل ودعم عسكري مباشر من الامارات ومشاركة طيرانها الحربي ضد الجيش الوطني.
مؤكدة أن "استمرار تمرد ‘الانتقالي الجنوبي‘ على الشرعية واستحواذه على قدر كبير من ايرادات الدولة، في عدن وعدد من مدن جنوبي البلاد، فاقم تدهور الاوضاع الاقتصادية والادارية والخدمية وانهيار قيمة العملة المحلية وارتفاع اسعار السلع والخدمات العامة والمشتقات النفطية".
وتبنت الامارات في 2017م إنشاء "المجلس الانتقالي" ورئيسه عيدروس الزُبيدي، وتمويل تجنيد وتسليح ما يقارب 50 لواء من المليشيات المسلحة، ليغدو الذراع السياسي والعسكري لها في جنوب البلاد، وأداة فرض انفصال جنوب اليمن، بدولة تابعة لأبوظبي وأجندة اطماعها في اليمن.
يشار إلى أن الامارات تراهن على "المجلس الانتقالي الجنوبي" وتمويلها تجنيد وتسليح الوية مليشياته المسلحة، في تمرير أجندة اطماعها في موقع اليمن وسواحله وجزره وثرواته، ضمن سعيها لفرض نفوذها السياسي والاقتصادي على دول المنطقة، عبر هيمنتها على خطوط الملاحة الدولية.