الخميس 2025/05/15 الساعة 09:16 م

العربي نيوز - عدن:

بدأ "المجلس الانتقالي" التابع للامارات، استهدافا مباشرا لقوات الجيش الوطني، على خلفية توجهات الولايات المتحدة الامريكية إلى استئناف برامج دعمه وامداده باسلحة نوعية تعزز مقدراته الدفاعية الجوية والبحرية بما يؤهله للمساهمة بتأمين الملاحة الدولية عبر البحر الاحمر وخليج عدن وبحر العرب، عبر ايقاف صرف رواتب منتسبي الجيش.

وكشفت مصادر في وزارة الدفاع إن "وزارة المالية ترفض صرف مرتبات شهري اغسطس وسبتمبر2023 للمناطق العسكرية إلا عبر البنوك، وتصر على ضرورة تسليم الدفاع البيانات للبنوك. بينما تؤكد وزارة الدفاع أنها لا تعترض ولا ترفض آلية صرف المرتبات عبر البنوك، رغم أنها قد تحدث إرباكا بصفوف القوة البشرية للجيش في حالة حرب".

موضحة أنه "سبق رفض هذا الاجراء حتى قبل الحرب وقبل ٢٠١١ لعدم مناسبته للقوات المسلحة". وساردة "حزمة مراجعة واجراءات مستمرة لكشوفات الجيش تمت خلال السنوات الماضية وخاصة منذ الهدنة لتنقيحها من الازدواج او استبدال الفرار او انزال اسمائهم، عبر عملية الترقيم بالبصمة للضباط والافراد، وحاجتها لوقت كافي لتنفيذ اجراءات اللازمة".

ونوهت إلى "طبيعة إدارة مهام القوى والمناطق والمحاور العسكرية، وطبيعة نطاق تمركزها وانتشارها ومسرح عملياتها نتيجة الحرب والظروف الراهنة بالمناطق المحررة، وعدم استقرار الحكومة في الداخل وعدم توفر بيئة آمنة في العاصمة المؤقتة عدن والتهديدات الماثلة أمام انتظام عمل مؤسسات الدولة وتنظيم الربط بين الهيئات والمؤسسات والأجهزة".

ذاكرة بين معوقات تطبيق نظام صرف المرتبات بنكيا لمنتسبي الجيش، أن "صرف المرتبات عبر البنوك سوف يحد من قدرة القادة العسكريين على ضبط الافراد من خلال الحضور والمناوبة وكشوفات الاحداثيات في مواقعهم ومعسكرات طالما ان كل فرد سيذهب في النهاية لاستلام مرتبه من المصرف، فضلا عن مسألة ربط بيانات القوة بالبنوك والصرافات".

وبجانب "الصعوبات الإدارية والفنية التي تواجه قيادة الجيش وتعقيدات إدارة وتنظيم هياكل وملاكات القوات وربط تكويناتها وتحديات ضبط حركة القوة البشرية في ظل استمرار الحرب"؛ أكدت المصادر بوزارة الدفاع أن "وزارة المالية تستقطع شهريا مبلغ مليار ونصف المليار ريال من مرتبات الجيش في المناطق العسكرية بالمحافظات الشمالية والشرقية".

مشيرة إلى أن "الحكومة لم تلتزم طوال فترة الحرب بتوفير موازنة نفقات تشغيلية كافية ومنتظمة للجيش وللوحدات العسكرية، وظلت تتعامل مع مرتبات الجيش بكثير من التقصير والتسويف وتأخير عملية الصرف وعدم العدالة بين المناطق العسكرية. انعكاسا لخلل تعاملها مع المعركة وعدم دعم الجيش باحتياجاته وصولا للمساس براتب الجندي المقاتل".

وكشف تقرير لجنة برلمانية لتقصي اوضاع الجيش، في ابريل 2022م أن "الحكومة خلال (2017-2021) لم تدفع مرتبات 22 شهرا للجيش بمحافظات الجوف ومارب وشبوة، التي تركزت فيها أكبر المعارك، فلم يتسلم مرتبات  8 أشهر للعام 2021، و5 أشهر عام 2020، و4 أشهر عام 2019، وشهرين عام 2018، وشهرين من مرتبات 2017".

موضحا أن "الجيش بالمناطق العسكرية الثالثة والسادسة والسابعة وهيئات ودوائر وزارة الدفاع ورئاسة الاركان، لم يتسلم رواتب عامين كاملين خلال خمس سنوات، بخلاف المنطقة الرابعة التي تستحوذ على ما يزيد عن 70% من القوة البشرية للقوات المسلحة اليمنية، وعلى ذات النسبة من الموازنات والمخصصات المالية المبوبة حسابيا لوزارة الدفاع".

ويقر بيان اصدرته وزارة المالية بخصوص رواتب الجيش، الاسبوع الماضي، بالتعامل مع المنطقة العسكرية الرابعة في عدن بمعزل عن بقية المناطق والمحاور العسكرية، وبقائها غير خاضعة لوزارة الدفاع ماليا واداريا، وتتلقى منذ ما بعد انقلاب 2014م، مرتباتها ودعومات مالية عبر وزارة المالية والبنك المركزي مباشرة بمنأى عن وزير الدفاع ورئيس الاركان.
 
وفقا لمسؤولين بوزارة الدفاع فإن "المرتبات المدفوعة للمنطقة الرابعة كانت أكثر انتظاما مع أنها أقل المناطق انخراطا في معارك مواجهة الحوثي باستثناء محور تعز، رغم أن معظم قوامها توزع على الاحزمة والتشكيلات العسكرية والامنية الموازية التي تشكلت خلال الحرب والتابعة لما يسمى المجلس الانتقالي الجنوبي ولا تخضع لمؤسسة الجيش والأمن". 

موضحين أن "معظم منتسبي المنطقة الرابعة انضموا لتشكيلات العسكرية والامنية التابعة لمايسمى المجلس الانتقالي، ويتلقون رواتب بجانب رواتبهم كمنتسبي المنطقة عبر شركات الصرافة وعبر البنوك لاحقا بانتظام دونما تواجد في وحداتهم المنضوية ضمن المنطقة الرابعة وبدون انضباط وضبط وربط مالي وإداري، فمعظم الوحدات لاوجود لها على الواقع".

وشددوا على أنه "مع بقاء القوات والتشكيلات العسكرية والأمنية خارج اطار وزارتي الدفاع والداخلية، وفقا لنصوص اتفاق الرياض ومخرجات مشاورات الرياض على دمجها في الجيش والأمن، فلن تشملها مصفوفة الاصلاحات الحكومية الواردة في آليات المنحة السعودية لتبقى تلك القوات تتلقى الدعم والرواتب بالعملة الأجنبية بعيدا عن وزارة المالية والبنك المركزي".

منوهين إلى أن "اللجنة العسكرية والأمنية العليا المشكلة بموجب اعلان انتقال السلطة، تقدمت بمقترحات لمعالجة الفوارق بين رواتب منتسبي قوات الجيش والأمن ومنتسبي التشكيلات والقوات الأخرى وتوحيد المرتبات وتحسين قيمتها، وتم الرفع بها لمجلس القيادة الرئاسي، لكنها جمدت لاختلاف الاجندة داخل المجلس وانتظام رواتب معظم تشكيلات اعضاء فيه".

وأكدوا أن "وزارة المالية بينما تصر خلال السنوات الماضية على اعاقة وتأخير صرف مخصصات الجرحى ومرتبات الجيش، فإنها تواصل الان التذرع باجراءات بيروقراطية فنية تتعامل بشكل لا يعي طبيعة وخصوصية الجيش ومهمته وطبيعة انتشاره، وتردد اسطوانة محاربة الفساد من قبيل الابتزاز في وقت تدرك حرص الجيش على آليات الرقابة والمحاسبة".

جاء هذا ردا على بيان اصدرته وزارة المالية الأسبوع الماضي، برّرت وزارة المالية في الحكومة الشرعية تأخير صرف مرتبات الجيش للأشهر الماضية، بأن ترتيبات المنحة السعودية المقدمة لدعم موازنة الحكومة الشرعية تشترط صرف المرتبات عبر البنوك المؤهلة، متهمة وزارة الدفاع بـ "عدم الالتزام بالضوابط الواردة في تعميمات المالية بخصوص تلك الترتيبات".

وتضمن البيان اتهامات لجهات لم يسمها باللجوء إلى "إثارة الفتن والبغضاء والمشاحنات بهدف الضغط على وزارة المالية لتمرير مصالح شخصية وفردية تضر بمصلحة منتسبي وزارة الدفاع وتضر بكيان هذا الدرع الواقي والمتين للوطن وصمام أمانه". زاعمة "استعدادها للتعاون مع وزارة الدفاع وبقية المناطق العسكرية في تذليل الصعوبات أسوة بالمنطقة الرابعة".

بالمقابل، أكد مسؤولون عسكريون أن "وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان تستكمل حتى الآن عملية حصر وفحص القوة البشرية لجميع القوى والمناطق العسكرية، حيث استكملت اللجان المرحلة الأولى لحصر الضباط والبصمة البيلوجية وبصمة العين وصرف البطاقة في المناطق العسكرية الأولى والثانية والثالثة والسادسة والسابعة وفي الهيئات والدوائر والوحدات المستقلة".

موضحين أنه "يجري حاليا العمل على استكمالها في المنطقة الخامسة"، مشيرين إلى "صعوبات في تنفيذ عملية الحصر والفحص في المنطقة الرابعة وبقية القوى المنضوية تحت اطار وزارة الدفاع. فيما تستعد الوزارة لحصر الملاك البشري للأفراد وما دون الضباط، وصولا إلى قاعدة بيانات واحدة وموحدة ومحدثة خاصة منذ بدء الهدنة ووجود هامش للاشتغال على هذا الملف".

وردا على تشدق وزارة المالية في بيانها بـ "تمسكها بالمضي في طريق الاصلاح من منطلق أمانة الدين والضمير"، أكد المسؤولون بوزارة الدفاع إن "الحكومة ووزارة المالية تقوم بالانتقاء في تنفيذ اشتراطات المنحة السعودية، مع استمرار البذخ في الانفاق الحكومي وعدم ترشيد انفاق الموارد، فضلا عن التضخم الهائل في هياكل الدولة وتشكيلات المؤسسات والوزارات وطواقمها".

مشيرين إلى أن "المفترض أن تكون حكومة حرب وتعتمد التقشف في نفقاتها واعطاء الاولوية للجيش المُقاتل وتسخير كل الامكانات لحربه الوجودية". ولافتين إلى أن "الحكومة لم تلتزم بدفع مرتبات الموظفين النازحين. كما أن الحكومة في الوقت الذي تسعى لفرض اشتراطات المنحة السعودية على الجيش تُنفق ملايين الدولارات على المسئولين المقيمين في الخارج منذ سنوات". 

ونوه المسؤولون العسكريون إلى أنه "منذ تدشين آلية تنفيذ شروط المنحة وصدور توجيهات رئيس مجلس القيادة الرئاسي، مطلع اغسطس المنصرم، بعودة الوزراء ونوابهم والمحافظين والوكلاء ورؤساء الهيئات التنفيذية إلى الداخل؛ صرفت الحكومة ثلاثة مرتبات بالعملة الصعبة للمسئولين في الخارج، المفترض أن تشملهم بدرجة رئيسية تلك الاصلاحات الحكومية". 

وذّكَّروا وزارة المالية بـ "وقائع الفساد التي تكشف عنه تقارير اللجان البرلمانية في ملفات الكهرباء والاتصالات والنفط والغاز ومشتقاتهما". علاوة على تقاسم القوى الممثلة في مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، الاستحواذ على مئات المليارات من الايرادات العامة للدولة، مستغلة نفوذ تشكيلاتها العسكرية والامنية وسيطرتها على مناطق ومدن حيوية في المحافظات المحررة.

يشار إلى أن عدم التزام الحكومة بدعم الجيش وتوفير مرتبات منتسبيه واحتياجاته، اعتبره فريق الخبراء التابع لمجلس الامن الدولي "تهديدا للسلام والامن والاستقرار في اليمن"، بينما يُعد بنظر مراقبين "وجها قاتما من أشكال التضييق على الجيش ومحاصرته وخذلانه، بما يعني ذلك من اضعاف كفاءة القوة المقاتلة وتقديم هدية مجانية لعدوها الحوثي ولخصوم الدولة الشرعية".